المساجد.. دار للعبادة ودراسة الدين أم البعد عن الدين؟

 


ظلت المساجد عبر العصور الإسلامية المختلفة مدارس يتعلم فيها الناس العلم ويتلقوا فيه شتى أنواع المعرفة، لم تقتصر هذه العلوم على العلوم الشرعية وحدها، بل شملت علوم أخرى كالطب والهندسة والفلك والترجمة والفلسفة وغيرها من مختلف العلوم.


كان المسجد أكثر من دور للعبادة، فمنه يتعلم الناس أمور دينهم، يتدارسون فيه كتاب الله، وتجمع فيه أموال الصدقات والزكاوات، ويربى فيه المسلم صغيرا كان أم كبيراً.


لكن أهم ما تفرد به المسجد هو أنه كان المنبر الذي يناقش فيه أمور المسلمين كيفما كانت، تحت هذه القبة التي تعلوها السماء، لا يخشى الإمام بطش سلطان وإن كان جائرا، يعرف فيها الصادق من الكاذب، ويعلو فيها صوت الحق الذي أزعج عروش الظلم والطغيان.


معركة الحق التي لطالما حوصرت من بطش الظالمين لتبقى منفردة بأعلام ظلوا أأمة يدعون إلى الحق، حتى ولو انقضت انفاسهم في الدنيا فإن صدى كلماتهم ما زال يرعب الطغاة عبر كل زمان، وكأن تلك القلوب الخاشعة إنما تطارد كل ظالم خرج عن الحق وغير شريعة الرحمان.


ولأن هذا الدور الذي يلعبه المسجد ظل خطراً على كل ظالم كان لابد أن يتم التخلص منه، أو قل اسكاته، فكان أول شئ بضمه إلى ذلك الصنم الذي يعرقل أي حركة إسلامية الذي يسمى بالدولة، من هنا يصبح الإمام موظفاً، يؤدي دور الممثل على المنبر، ليبث في العامة ما يملى عليه من كلمات.


أصبحت المساجد الآن تشتاق إلى دعاة الحق، إلى الحناجر الحرة التي تعيد الناس إلى طريق الحق لتعود المساجد ممتلئة بالمصلين.


من هنا أدركنا أن كثرة المساجد أو كبرها لا يعني شئ طالما أنها لا تؤدي الدور الذي أقيمت من أجله، إلا وهو استدامة لا إله إلا الله محمداً رسول الله، الدور الذي يحاول كل ظالم طمسه بجهل أو بعلم أو طغيانا وتجبرا، لكن ومهما طال الظلم لابد للحق أن يخرج من كبد الظلام، لابد للنور أن يمحي تلك الاغلال.


من اجل هذا لابد للأمة أن تدرك أن مفتاح العودة يكمن في إصلاح مساجدها، والتي من شأنها أن تصنع أجيال قادرة على الوقوف بوجه المحن متيقنة أن الحق الذي تسعى إليه لا يمكن أن يغلب أبدا.

 

الكاتب : إبراهيم فتحي 

تعليقات