كيف ستؤثر ديون الولايات المتحدة للصين على مستقبلها الأقتصادي حال وقوع حرب بينهما؟

كيف ستؤثر ديون الولايات المتحدة للصين على مستقبلها الأقتصادي حال وقوع حرب بينهما؟

 

شخص يقف أمام بورصة الصين


ونحن على أعتاب موجة من المواحهات العسكرية المحتملة الحدوث قريباً بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة و الصين من جهة أخرى  ليست الأولى بينهما ، يلعب كل خصم فيها بما لديه من أوراق ، ومنذ التوتر القائم بينهما منذ عام طفت أزمة الديون الخارجية للولايات المتحدة على السطح ، فهل تستخدم بكين الدين الخارجي للضغط على الأقتصاد الأمريكي ؟


بلغ حجم الدين العام للولايات المتحدة في الربع الأول من هذا العام ما يقرب من 28.2 تريليون دولار ، وهو أضخم دين في العالم ، تأتي الصين في المرتبة الثانية عقب اليابان كثاني أكبر مالك للدين العام الأمريكي أغلبها السندات المالية .


تشكلت معظم هذه الديون بسبب مصروفات الأدارة الأمريكية التي تفوق إيرادتها مما يدفعها للأقتراض داخليا وخارجياً ، ويكون ذلك في صورة سندات وأذونات الخزانة يتم طرحها ليشتريها العامة في سوق المال ، ليحصل المستثمر الذي اشترى الدين على فائدة يقبضها كل فترة، بالإضافة إلى الوعد بسداد قيمة السند الأصلي بعد وقت محدد من الأشهر أو السنوات .


ولأن سندات الدين الأمريكية من أكثر الأصول طلبا ، زادت الطلب عليها باستمرار .


لماذا تشتري الصين الدين الأمريكي ؟

استطاعت الصين أن تصبح ثان أكبر اقتصاد في العالم عقب أمريكا ، وذلك بفضل مستوى النمو المرتفع، والاقتصاد المبني على الصادرات الضخمة إلى دول العالم .


لكي تحافظ الصين على هذا النمو تحتاج إلى حزمة من الإجراءات والسياسات النقدية ؛ لإبقاء سعر الصرف منخفضا أمام الدولار .


هنا يأتي دور ديون الولايات المتحدة إذ تصدر الشركات الصينية منتجاتها وخدماتها إلى الخارج ، و تحصل ثمن هذه المنتجات بالدولار ، أو بأي عملة أجنبية ، فتحصل عليها الدولة الصينية من هذه الشركات، عن طريق بيع اليوان لها لتستخدمها في الداخل الصيني، وبسبب أن الصين تمتلك فائض صادرات مقابل مستورداتها من كل دول العالم ، فإنها أيضا أكبر مالك للاحتياطات النقدية الأجنبية، بقيمة تقدر بأكثر من 3 تريليون دولار .


بعدها يقوم البنك المركزي الصيني بشراء فائض الدولارات المملوك من قبل الشركات الصينية ، مقابل طرح اليوان للاستخدام المحلي ، بذلك تكون الصين قد خنقت الدولار الامريكي عن طريق زيادة الطلب عليه ، فيرتفع سعر الدولار ، بينما تكون هي قد خفضت سعر اليوان أمامه جاعلة المنتجات الصينية متمتعة بامتياز تنافسي على غيرها من الصادرات في العالم، بسبب انخفاض سعر شرائها.


لا تكتفي الصين بشراء الدولار من شركاتها فحسب بل تستخدم هذه الدولارات لشراء الدين الأمريكي المسعر بالدولار ، ما يعني ارتفاع الدولار أكثر ، وعندما تجد الدولة الأمريكية من يقدم لها الديون، فإنها ستصبح قادرة أكثر على الاستيراد؛ بما في ذلك الاستيراد من الصين، بينما تستفيد الصين من التصدير للولايات المتحدة الأمريكية، ومن عائدات السندات ، لتكون حالة ربح متبادل بين الطرفين .


هي علاقة منفعة تبادلية بين البلدان ، لكن رغم المصالح المشتركة بين البلدين فإنهما في حالة من الخصومة السياسية والتجارية، يراها البعض حربا تجارية قائمة بينهما، ولذلك فمن الممكن للصين أن تستخدم هذا السلاح للإضرار بالولايات المتحدة الأمريكية إن لزم الأمر ذلك.


يتخوف الكثير من المحلليين الأمريكيين من حيازاتها على نسبة ديون كبيرة ،  اذا قامت الصين ببيع كامل ما تملكه من السندات الأمريكية مرة واحدة ، أو بيع جزء ضخم منها.


ومع ازدياد مخاطر الخلافات بين الصين والولايات المتحدة فإن احتمالية قيام بكين باستخدام الدين الأمريكي كسلاح ترتفع.


فإذا قامت الصين ببيع سندات الديون الأمريكية دفعة واحدة ستنخفض قيمتها بشكل كبير ، ما سيدفع باقي المستثمرين ببيع السندات ، سيزيد ذلك من سعر فائدة هذه السندات وبالتالي ستقترض الحكومة الأمريكية لترفع اسعار الفائدة وتفقد الثقة في الأقتصاد ككل.


لم يحدث أزمة سابقة شبيه لذلك ، لكن البيانات تدعو إلى القلق من قبل الولايات المتحدة ، لذا قد تنصب الولايات المتحدة فخ لبكين ، وذلك إذا نجحت الولايات المتحدة أن تجد طلباً ل السندات الأمريكية موازيا للعرض الذي زادته الصين في السوق، ما يعني عودة التوازن إلى أسعار السندات الأمريكية، نتيجة لمساواة العرض والطلب، عندها لن تستطيع الصين تحريك أطراف أخرى لبيع سنداتها بتأثير الخوف من انخفاض أسعارها، فنسبة ما تملكه الصين وحدها قد لا يؤثر بشكل كارثي على السندات الأمريكية.


كل هذه الأحتمالات متوقفة على أن تقوم أحدى الدولتين بشن هجوم عسكري علي الأخر.

تعليقات